بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

أهم حجج وأدلة المعترضين على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والرد عليها

رسالة الى طلبة العلم مع التحية ...
وفى هذه الورقة نعرض لأهم حجج وأدلة المعترضين على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ، وستجد عزيزى القارىء أنها لاتثبت أمام النقد وهى أدلة قد أخذ صاحبها قرارا بالحكم اولا ثم بدأ يلوى نصوصا وأدلة لإثباته .
1- اول سند لهم حديث النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وحديث " إياكم ومحدثات الأمور فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار " فيقولون ان لفظة "كل" هنا تشمل العموم
وهم بهذا يجعلون علماء الأمة بل والصحابة أصحاب بدع وعلى رأسهم الخليفة عمر بن الخطاب
- فالقرآن لم يجمعه رسول الله وإنما جمع فى عهد أبو بكر الصديق
- نقل مقام ابراهيم من موضعه (ملاصقا للكعبة) الى مكان آخر حيث أبعده عمر بن الخطاب .
صلاة التراويح فى جماعة – فكرة بناء المراحيض والميضأة بالمسجد – زيادة الأذان الأول يوم الجمعة – زيادة ورحمة الله وبركاته فى التشهد بعد السلام عليك أيها النبى – وحديثا : ختم القرآن ليلة 27 من رمضان فى الحرم وغيرها من المحدثات
كل هؤلاء وغيرهم ابتدعوا أشياء رأوها حسنة ولم تكن فى عهد رسول الله ولم ياذن بها او يقرها النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بل إنها من ضمن العبادات .
فهل هؤلاء من اهل الضلال والبدع المنكرة !!!
2- يقولون لايوجد فى الدين شىء اسمه بدعة حسنة :
وهذا لايقوله إلا من يريد التفريق بين المسلمين وإشعال نار الفتن بينهم ،،،
- يقول الحافظ الإمام النووى فى قول النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :"كل بدعة ضلالة " هذا عام مخصوص ، والمراد غالب البدع ، والبدعة مالم يكن فى عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهى منقسمة الى حسنة وقبيحة (يقول هذا فى شرحه لصحيح مسلم )
- ويقول أمير المؤمنين فى الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى شارح صحيح البخارى :"وكل مالم يكن فى زمنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يسمى بدعة ، لكن منها مايكون حسن ومنها مايكون خلاف ذلك "
- والامام الشافعى يقول : البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة ، فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم
- وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام : البدعة منقسمة الى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، وذلك بعرضها على قواعد الشريعة ، فإن دخلت فى قواعد الإيجاب فهى واجبة وان دخلت فى قواعد التحريم فهى محرمة ...... الخ
3- يقولون ان الدولة الفاطمية العبيدية الشيعية التى حكمت مصر 357-567هجرية هم أول من أحدث المولد النبوى وهذا وهم ، فالحافظ ابن كثير يقول فى البداية والنهاية أن الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى أحد الملوك الأمجاد له آثار حسنة وكان يعمل المولد الشريف فى ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا ....الخ ما قال .
4- يقولون إن النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يحتفل بمولده والصحابة لم يحتفلوا بمولد النبى ولو كان الاحتفال بمولده مشروع أو ذو فائدة لاحتفل به النبى والصحابة ، وحين نحتفل به نحن فإننا نتهمهم بأنهم كتموا عنا شيئا ولم يدلونا عليه .
وهذا كلام المجادلين بالباطل :
فكون شىء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليس معناه أنه حرام ، ولا يشك عاقل فى فرح الصحابة به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولا فرح التابعين بمن رأوه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، لكن الفرح به يأخذ أساليب وأشكالا مختلفة حسب الشخص وحسب العصر والعادات والسلوكيات ، ولا حرج فى الأساليب والمظاهر ، فالفرح به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عبادة لكن التعبير عن هذا الفرح وسيلة يباح فيها كل المباحات ولكل وجهة هو موليها ، فمن يفرح ويعبر عن فرحه بتلاوة الكتاب الذى نزل عليه ومن يفرح بمدحه ومن يفرح بإطعام الطعام ومن يفرح ببذل المال ومن يفرح بتأليف كتاب ومن يفرح بمدارسة سيرته بل إن العباس فرح بالرقص أمامه حين قال له : أشبهت خلقى وخلقى .
فالفرح به من الأمور الأساسية فى الدين ، بل إن الفرح بمولده على الخصوص يخفف العذاب عن أبى لهب وهو من أشد الناس كفرا وذلك لأنه فرح بمولده وأعتق جاريته ثويبية كما جاء فى صحيح البخارى .
5- يقرون أن الاحتفال بالمولد النبوى حرام ، ولا يدرون أنهم بهذا يخالفون قاعدة أصولية جليلة من قواعد الأصول وهى التى تقول : لا تشرع عبادة إلا بشرع الله ، ولا تحرم عادة إلا بتحريم الله .
فما سكت عنه الوحى غير محظور ولا منهى عنه ، وقد فهم الصحابة الكرام هذا حين قالوا :"كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شىء ينهى عنه لنهى عنه القرآن " (عن سيدنا جابر) ، فهذا فهم عظيم للصحابة الكرام ، فما اعتاده الناس مما لايضاد الشرع فهو غير محظور ولا منهى عنه
6- الحديث والقاعدة "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار "
هذا الأصل خاص بقسم العبادات حيث أن الأصل فيها التوقيف ولا يجوز إحداث عبادة مبتدعة ، لكن الاحتفال بالمولد النبوى من قسم العادات ومن نقله الى قسم العبادات فهو مغالط وصاحب هوى ، وأكرر أن محبة النبى من أركان الإسلام والعبادات لكن التعبير عن المحبة من قسم العادات .
فكل خير تشمله الأدلة الشرعية ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين .
7- الحديث الشريف :" كل محدثة بدعة ..." يفسره حديث :" من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "
فلفظ ما ليس منه هو تفسير للبدع المحظورة وتفسير للأمر المحدث المعتبر بدعة وضلالة ، أى ليس له سند ظاهر أو خفى من الكتاب والسنة ، وهذا مايقوله عون المعبود شرح سنن ابو داود وايضا وما يقوله فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمام المناوى وما يقوله شرح المبسوط لشمس الأئمة السرخسى وهم مراجع أهل السنة والجماعة .
8- يقولون : إن تخصيص عبادة معينة فى وقت معين هو بدعة .
وهذه حجة مغلوطة :
لأن هذا القول مقصور على عبادات الفرائض مثل وقت الصلاة الفريضة ووقت الصيام المفروض ووقت وجوب الزكاة ووقت الحج ، أما مايختص بالعبادات التطوعية فهى مشروعة فى كل وقت باستثناء أوقات الكراهة ، أما سائر الأوقات الأخرى فإنه يباح فيها كل تطوع قولى أو فعلى من ذكر أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو تطوع صلاة أو صيام أو صدقة أو عمرة ، ففى فتح البارى مثلا أن سيدنا عبد الله بن عمر كان يذكر الناس بالمواعظ كل يوم خميس ويقول : قال الله تعالى لسيدنا موسى :"وذكرهم بأيام الله"
9- يقولون : لو كان الاحتفال بالمولد خيرا محضا أو راجحا لكان الصحابة أحق به منا .
وهذا جدل فى جدل ، فشتان بين عهد الصحابة والتابعين وانشغالهم فى كل أوقاتهم وأحوالهم بالنبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وبين عهدنا الذى شغلت الدنيا مؤمنهم قبل شقيهم .
الصحابة لاحاجة لهم بالذكرى لأنهم عاشوها بالفعل ، أما نحن فنحتاج إلى أن نعيشها بفكرنا وعقولنا وعواطفنا فيها ، بل إن الصحابة كانوا يروون مغازى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لأولادهم كما كانوا يحفظونهم السورة من القرآن (كما فى حديث سعد بن ابى وقاص)
إننا فى عصر غاب الناس عن نبيهم وانشغلت عقولهم وضمائرهم بالدنيا وأصبحت التحسينات ضروريات وانقلب الميزان والواقع يدل على هذا : فلتنزل الشارع وتسأل أفراد الأمة عن زوجات النبى أو خصائصه أو عدد أولاده أو عدد من بايعوا بيعة العقبة أو بيعة الرضوان او أى شىء فى سيرة الحبيب قلما تجد من يعلم مثل هذه الأمور ، فالتذكير بحقائق السيرة النبوية وحقائق الرسالة المحمدية وحقائق الوحى وحقائق الشخصية المحمدية أصبحت فريضة من الفرائض لا سنة ، ففيها ارتباط بين أفراد الأمة وبين شخص نبيهم تطبيقا للآية : " لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة "
ويخطىء من يختصر هذا الارتباط ليكون ارتباطا بصحيح البخارى او مسلم أو باقى كتب السنة ، فإن الصحابة لم يكن لديهم كتب البخارى ومسلم لكن كان ارتباطهم بشخص سيد الخلق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
10- يقولون ليس فى شرعنا إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فقد تجاوز الحد وأتى بمنكر .
وهذا أيضا من المغالطات :
- فقد أخرج ابن جرير عن قبيصة بن أبى ذؤيب أن كعب الأحبار قال لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لو غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذى نزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه ، فقال عمر : وأى آية ياكعب ؟ فقال :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " فقال عمر : لقد علمت اليوم الذى أنزلت فيه والمكان الذى انزلت فيه ، نزلت فى يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد .
وهنا نجد سيدنا عمر بن الخطاب اعتبر يوم الجمعة عيد ويوم عرفة عيد ولم يستنكر اتخاذ يوم نزول الآية عيد ، ولم يقل إن المسلمين ليس لهم إلا عيدان .
وفيما رواه الامام أحمد فى المسند عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال :" يوم الجمعة عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا يوما قبله أو بعده "
فتسمية يوم الجمعة أو يوم عرفة عيدا إنما هو بالمجاز لكون اجتماع الناس والفرح والسرور رغم أنها ليست أعياد على الحقيقة ، ومثلما يقول قائل : كل يوم لانعصى الله فيه فهو لنا عيد ، أى يوم فرح وسرور ، ومن هذا يكون المولد النبوى الشريف عيد للمحبين يظهرون فيه الفرح بميلاد نبيهم وليس عيدا بالمعنى الاصطلاحى .
11- يقولون إن يوم ولادته هى يوم وفاته والأولى أن نحزن فى هذا اليوم بدلا من الفرح والسرو .
وهذا كلام باهت :
فولادته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أعظم النعم ووفاته أعظم المصائب ، لكن الشرع حثنا على إظهار الفرح عند الولادة بل وذبح الذبائح (العقيقة) وأمرنا بالسكون والصبر عند الوفاة .
فنحن فى هذا اليوم نظهر الفرح والسرو بمولده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
12- يقولون : المحتفلين بالمولد يبالغون فى مدح النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويطرونه إطراء المشركين والنبى نهى عن الإطراء ويضربون المثل على ذلك بانشاد البردة وفيها :
يا أكرم الخلق مالى من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولا أدرى أهم لايفهمون المعنى أم يغالطون
فعوام الأمة يعرفون أن الحادث العمم هو يوم القيامة ، وفى هذا اليوم لايوجد ملاذ لجميع الخلق الا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما وردت الأحاديث الصحيحة .
13- يقولون إن المولد النبوى يحصل فيه اختلاط بين الرجال والنساء ويحدث استماع للمعازف وشرب للمسكرات .
طبعا هذا كلام يخالف الواقع ، لكن بافتراض حدوث هذا فهل الحل هو إلغاء الاحتفال بالمولد أم نزيل المنكرات ، وبالمثل يجب أن نلغى الأسواق لأن النبى يقول انها مسكن ابليس وجنوده ، وأيضا يجب إلغاء التفاسير لأنها مليئة بالاسرائيليات ونلغى الأفراح لأن فيها رقص واختلاط ونلغى عيد الفطر لأن فيه اختلاط أيضا وسفور .
وهكذا فإن مايقوله الكارهون للاحتفال بالمولد النبوى حجج واهية مردود عليها ، وكان يجب أن يقولون إن هذا رأى ورأى ، يجب أن يقولون أن هذا رأينا ولكم رأيكم ، أما أن يتهمون المخالف بالبدعة والضلالة والشرك فهذا مما يؤدى الى الإرهاب الفكرى بل والإرهاب الاجرامى إذا كان بين شباب متهور مسوق لامرجعية لديه ولا حكمة عنده .

الخميس، 6 ديسمبر 2018

من قال ان مولد بدعة ..!!

المولد في حقيقته نشاط اجتماعي قصد به جلاء القلوب مما أصابها من الصدأ، فكان أسلوباً غير مباشر يهدف إلى تحقيق خيرات لا محظور من إقرارها: من إطعام وصدقة وإنشاء شيء من الأشعار في المدائح النبوي والزهدية الباعثة إلى فعل الخير، بالإضافة إلى ما فيه من تلاوة وصلاة على النبي( صلى الله عليه وسلم )، وإظهار السرور بمولده، وشكر الله على إبرازه ومنته به علينا وما ينجم عن ذلك من امتلاء القلوب بالخشية وتذلل الوجوه بالضراعة ، ورفع الأيدي بالرجاء، واشتغال الألسن بالدعاء، وانكسار النفوس بالتذلل، وصدق الآمال في أرحم الراحمين .
وصرف النية إلى تحقيق هذه الأهداف يصرف هذا الاجتماع إلى قربى إلى الله شأن جميع أعمال المسلم التي لم توضع للتعبد بها تصرفها النية إلى قربى .
ومن زعم أنه تحصل منكرات في هذا الاجتماع فليوجه نقده إلى ما يحدث إن صدق لا إلى أصل الاجتماع في هذة المناسبة الكريمة الذي تتحقق فيه أعمال مشروعة وأهداف خيرة .
وبقي بعد هذا أن نبين هدفهم من جعل المولد من العبادات التي تحتاج إلى توقيف من الشارع :
فهم يريدون بادعاء ذلك التنصل من أن يطالبهم أحد بإيراد الأدلة على تحريمه وبدعيته بزعم أنه داخل في العبادات التي تحتاج إلى توقيف فلا يكون جائزاً، بل مسلوك في سلك بدع الضلالة إلا أن يسوق المجيز دليلاً على إخراجه منها كما يدعون .
وهذا الأسلوب منهم هو من باب قلب الأمور، لأن تحريم ما لم يرد تحريمه بدليل هو من أسباب الضلال. وإن من لا يملك الدليل على التحريم ينطبق عليه ما ورد فيمن حللوا وحرموا من عند أنفسهم .
أما من زاول أمراً لم يوضع للتعبد به ولا يشتبه به ولم ينه عنه فلا يقال: إنه اتخذ ديناً، ولا إنه يحتاج إلى توقيف ، وإنما تصيره النية قربى شأن جميع أعمال المسلم الأخرى التي لم يضعها الله للتعبد بها تصير قربى إن نوى بها التقرب إلى الله كما في الحديث: "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر" .
وحسب الجمهور احتياطاً في قبول الجديد بعد العهود الأولى أن يندرج تحت مصلحة مناسبة، وذلك عند عدم النص أو الإجماع، وأن لا تكون معارضة لنص أو أصل شرعي .
وإقامة ذكرى المولد لا تضاد أصلاً من أصول الشرع ولا دليلاً من دلائله .
وعلى فرض أنه من الأمور المبتدأة بعد العهود الأولى فإنه يكون من القسم المقبول بالإطلاق اللغوي .
وما يتلى فيه من ذكر مولده ومعجزاته وشمائله وفضائله مما يحيي في القلوب القدوة الحسنة والعظة ويذكر بمنة الله به ( صلى الله عليه وسلم ) على الأمة، وما وصل إليها من أنواع الخير من طريقه فيغرس ذلك كمال محبته ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكمال الإيمان به، والمحافظة على تعظيمه ( صلى الله عليه وسلم ) وشكره تعالى على هذه المنة العظيمة، وكل تلك الأمور من الضروريات التي ترجع إلى حفظ الدين ، فمن لم يجد سنداً صحيحاً ودليلاً ناهضاً على درجه في المحدث وبدعة الضلالة التي أطلقها الشرع على محدث يصادم نصاً أو أصلاً شرعياً لا على كل عمل مبتدأ لا يعارض شيئاً من ذلك فعليه أن لا يجزأ على الله بتحريم شيء لا دليل على تحريمه.
وسيأتيك في البحث التالي أنهم استدلوا على تحريمه ودرجه في بدعة الضلالة بما لا دليل فيه على ذلك .

هل صحيح ان لاحتفال بمولده صلوات ربى وسلامه عليه بدعة ولا يجوز الاحتفال ..!


كثر الكلام في هذا الموضوع فخرج علينا بعض الناس الذين يدعون أنهم من أهل السلف الصالح .. والسلف الصالح برئ منهم. يقولون بان الاحتفال بمولده صلوات ربى وسلامه عليه بدعة ولا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وفي هذا الموضوع سنرد الأدلة التي ستنهي الجدال في هذا الموضوع وكما قلت لكم في البداية خير الكلام ماقل ودل. لذلك لن أطيل على حضراتكم. وسأذكر بعض الأدلة القليلة والتي لم يستطع أي وهابي أن يرد عليها. نبدأ على بركه الله.
بدايةً أول من احتفل بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الملك المظفر أبو سعيد كوكوبوري وليس كما يقول البعض أن أول من احتفل هم الفاطميون. وارجع الى البداية والنهاية /الجزء الثالث عشر/ ثم دخلت سنة ثلاثين وستمائة
أولاً من القرآن الكريم:
1. دليل من القرآن للرّدّ عمّن يحرّمون الاحتفال بمولد خير البريّة صلّى الله عليه وسلّم. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة يونس (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا). الله أمرنا أن نفرح يفضله ورحمته، وأيّ فضل وأيّ رحمة أنزلها الله لعباده أفضل من خلق محمّد صلّى الله عليه وسلّم وبعثته رسولاً نبيّاً للعالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). إذاً فالفرح بفضل الله ورحمته أمر مذكور في القرآن، ومن رحمة الله بعثة محمّد عليه الصّلاة والسّلام، إذاً أقول أين الحرام في ذلك والمسلمون في كلّ الدّنيا يفرحون لولادة خير البريّة الّذي هو من رحمات ربّ العالمين. الحمد لله على نعمة العقل السّليم. 
2. إن القرآن الكريم يثني على أولئك الذين أكرموا النبي وعظموا شأنه وبجلوه إذ يقول: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف 157. إن الأوصاف التي وردت في هذه الآية والتي استوجبت الثناء الإلهي هي: آمنوا به - وعزروه - ونصروه - واتبعوا النور الذى أنزل معه - فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل بزمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ الجواب: لا، فإن الآية لا تعني الحاضرين في زمن النبي خاصة، فعندئذ من القطعي أن لا تختص جملة (عزروه) بزمان النبي، أضف إلى ذلك أن القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة، فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات: المبعث أو المولد النبوي وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلا مصداقاً جلياً لقوله تعالى: (وَعَزَّرُوهُ) والتي تعني أكرموه وعظموه.
3. قال سبحانه: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) المائدة 114. فسيدنا عيسى عليه السلام اتخذ نزول المائدة السماوية والبركة الإلهية عيداً لأنه سبحانه أكرمه وأكرم تلاميذه بهذه المائدة، فإذا كانت المائدة السماوية سبباً لاتخاذ يوم نزولها عيداً فلماذا لا يجوز أن نتخذ يوم المولد النبوي الذي هو يوم البركة ويوم نزول المائدة المعنوية عيداً ؟؟؟!!!! هل يستطيع أن يدعي أحد أن وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من شريعة عظيمة خالدة، أقل بركة من المائدة التي نزلت على المسيح عليه السلام وتلاميذه؟
ثانياً من السنة:
1. جاء في «صحيح مسلم»: [حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن غيلان بن جرير سمع عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سئل عن صيامه ليوم الاثنين فقال: (ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ)، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود، إذ سعد به كل موجود. وهذا في معنى الاحتفال به، إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام، أو إطعام طعام، أو اجتماع على ذكر، أو صلاة على النبي، أو سماع شمائله الشريفة.
2. بنص السنة احتفال الصحابة شعراً بمولد النبي في حياته: روى البيهقي والطبراني والحاكم وذكرها القاضي عياض في الشفا، وابن القيم في الزاد، وابن كثير في السيرة أن خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل لا يفضض الله فاك) فأنشد يقول:
من قبلها طبت في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا نطفة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد * ألجم نسراً وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندق علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر * ض فضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي * ذلك النور وسبل الرشاد يخترق
قال الحافظ ابن حجر في الأمالي حديث حسن، ومن هذا الحديث نرى أن الصحابة رضى الله عنهم احتفلوا بالمولد النبوي الشريف ولكن بطريقة أخرى.
3. أن المولد اشتمل على اجتماع وذكر وصدقة، ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها. جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند قفوله من بعض غزواته، فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (أوفى بنذرك) .. الحديث مشهور، ولا شك أن الضرب بالدف من أنواع الفرح، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالوفاء بنذرها لما كان سبب ذلك فرحها بسلامته، فكذلك من أحدث احتفالات مباحاً عند فرحه بزمن ولادته صلى الله عليه وسلم، من غير التزام ولا نذر.
ثالثاً الإجماع ورأي علماء الأمة:
1. أن المولد أمر استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صقع، فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف: (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح) أخرجه أحمد. ويرى الفقهاء في أن الإجماع يصح أن يكون وجهاً شرعياً واعتباره دليلاً من أدلة الأحكام الشرعية، ودليل صحة الإجماع قوله تعالى (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) النساء 115، يقول ابن رشيد: لأن الله توعد باتباعهم غير سبيل المؤمنين فكان أمراً واجباً باتباع سبيلهم، وبقوله صلى الله لعيه وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) فالإجماع مستند إلى كتاب أو سنة أو قياس يرجع إلى أحدهما. وقد أجمع الصحابة والتابعون وتابع التابعين على مشروعية الاحتفال بالمولد. ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر رأي أبي بكر الصديق رضى الله عنه: كانت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ومراعاة لهذه المناسبة، تمنى أبو بكر أن تكون وفاته يوم الاثنين: وهذا من مراعاة المناسبات والتبرك بها، والاحتفال بالمولد النبوي من هذا المعنى. فقد روى البخاري في باب الجنائز: باب موت يوم الاثنين عن عائشة قالت: دخلت على أبى بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاث أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل.. الحديث. قال القسطلاني: وترجى الصدّيق رضي الله عنه أن يموت يوم الاثنين لقصد التبرك وحصول الخير، لكونه عليه السلام توفي فيه فله مزية على غيره من الأيام بهذا الاعتبار. فهل يعترض المعترضون على أبي بكر، لمراعاة هذه المناسبة؟ كما يعترضون على أصحاب الموالد الذين يراعون أيضاً هذه المناسبة؟.
2. رأي الحافظ السخاوي: "إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ثم لا زال أهل الإسلام لسائر الأقطار يعملون بالمولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم". المواهب اللدنية – 1 – 148 - طبعة ما يسمى المكتب الإسلامي.
3. قالَ الحافِظُ السيوطِيُّ عندَما سُئِلَ عَنْ عَمَلِ المولِدِ الشريفِ في رسالَةٍ سَمَّاها "حُسْنَ المقصِدِ في عَمَلِ المولِدِ" قالَ، واسمَعُوا جيدًا: "أَصْلُ عَمَلِ المولِدِ الذِي هو اجْتِمَاعُ الناسِ وقراءَةُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرءَانِ ورِوَايةُ الأخبارِ الوَارِدَةِ في مَبْدَإِ أَمْرِ النَّبِيِّ وما وَقَعَ في مَوْلِدِهِ مِنَ الآياتِ، ثُمَّ يُمَدُّ لَهُمْ سِمَاطٌ يَأْكُلونَهُ وَيَنْصَرِفُونَ مِنْ غَيرِ زِيادَةٍ على ذَلِكَ هو مِنَ البِدَعِ الحسنَةِ التِي يُثَابُ عليهَا صاحِبُهَا لِمَا فيهِ مِنْ تَعظيمِ قَدْرِ النَّبيِّ وإِظْهَارِ الفَرَحِ والاسْتِبْشَارِ بِمَوْلدِهِ الشريفِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ".
وهذا والله أعلم


ما الذي يمنع أن نجتمع في بيت من بيوت الله، أو في بيت من بيوتاتنا، ونتحدث عن هذا النبي، عن هذا القائد العظيم، عن هذه الأخلاق الرائعة، عن شمائله الحميدة، عن مقامه الرفيع، عن منهجه القويم، عن تواضعه، عن عدله، عن رحمته، عن لطفه، عن وفائه ؟ والله الكلام عن رسول الله يملأ القلب سعادة.

إذاً: ما الذي يمنع أن نجتمع في بيت من بيوتات الله، أو في بيت من بيوتنا، ونتحدث عن هذا النبي الكريم، لأن معرفة رسول الله جزء من الدعوة، بل هي شطر الدين بل إننا لا نستطيع أن نقنع بمنهج الله إلا إذا طبق من خلال إنسان.
لذلك قالوا: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي، كان خلقه القرآن، بصدقه، بأمانته.
الحقيقة المثالية أستاذ علاء أنك لا تعيش إلا بالمثل الحي، أحياناً حينما تبتعد المثالية عن الواقع تصبح كلمة مثالية للسخرية، أعظم ما في الدين أنه جعل المثالية واقعية، وجعل الواقع مثالية، هذا التواؤم والتزويج بين المثالية والواقع أروع ما في الإسلام.
إذاً: أنا حينما أدرج التعريف برسول الله، بشمائل النبي، بأخلاق النبي، بكمالات النبي، بتواضع النبي، بعدل النبي، برحمة النبي، أنا حينما أجعل تعريف الناس برسول الله ككمال مجسد في بشر، هذا يندرج تحت الدعوة إلى الله، لكنني ممنوع أن أقول: إنه عبادة، فإذا قلت: هو عبادة فهو بدعة، لأن العبادات الأصل فيها الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت بنص، أما الأشياء فالأصل فيها الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي والثابت.
إذاً: أنا حينما أدرج الاحتفال بذكرى المولد من دون أن أقول: إن الكون خلق من أجله هذه شطحة، لكن الكون كله، والبشر بشكل خاص خلقوا ليكونوا على شاكلة رسول الله على منهجه، على كمالاته.

الجمعة، 30 نوفمبر 2018

أدلة جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف



الى من يهمه الامر مع التحية ..
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه

 أدلة جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف  

أولا : من القرآن الكريم :
إن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر القرآن من قوله : { قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] .
والعبرة بعموم اللفظ ، وليس بخصوص السبب .
فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة . والأمر يفيد الوجوب إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عن ذلك  والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة ، قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }[الأنبياء (107)] .
ويؤيد هذا تفسير حبر الأمة وترجمان القرآن ، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الآية ، حيث ورد عنه أنه قال :
(فضل الله العلم ، ورحمته محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) اهـ  .
ثانيا : من السنة
1-                             إن أول الناس احتفالا بمولد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام هو الرسول الكريم نفسه صلى الله عليه وسلم .
 ويدل على هذا ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في باب الصيام عن رواية  أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين فقال : ( ذلك يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه ) .
 فهذا الحديث يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين لأنه ولد فيه ونبئ فيه ويدل فعله صلى الله عليه وسلم على أنه ينبغي أن يُهتم بمثل هذا اليوم بفعل عبادة شكرا لله من صيام أو ما يستطيعه الفرد من أي عبادة وفعل لا يمنعه الشارع .
2 - الاحتفال بالمولد الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر .
 فقد روى الإمام البخاري تعليقا ونقله الحافظ ابن حجر في (الفتح) ورواه عبد الرزاق الصنعاني في (المصنف 7 / 478)
والحافظ البيهقي في (الدلائل ) وابن كثير في (البداية والنهاية 1 / 224 ) وابن الديبع الشيباني في (حدائق الأنوار 1 / 134 ) والحافظ البغوي في شرح السنة (9 / 76 )
 وابن هشام والسهيلي في (الروض الأنف 5 / 192 ) والعامري في ( بهجة المحافل 1 / 41) وغيرهم .
وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام
وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام .
روى الإمام البخاري تعليقا أن  العباس رأى أخاه أبا لهب بعد موته في النوم فقال له ما حالك فقال في النار إلا أنه خفف عني كل ليلة اثنين وأسقى من بين إصبعي هاتين ماء فأشار إلى رأس إصبعيه وإن ذلك بإعتاق ثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له .
وقد قال العلامة الحافظ شمس الدين بن الجزري في عرف التعريف بالمولد الشريف بعد ذكره قصة أبي لهب مع ثويبة :
فإذا كان هذا أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمته عليه السلام ، يسر ويفرح بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم ؟
وكلمة ( الإحتفال ) قد اختلطت على بعض الناس فيفهم منها : الطبل والرقص ! !
وهذا الفهم – لا شك – خطأ عظيم ، وخلط عجيب !
فالإحتفال تعني : الإجتماع والإهتمام
[  الحفل : الجمع الكثير . ويُقال : احتفل القوم احتفالا إذا اجْتَمعُوا . . . وهذا أمر لا أحفل به ولا أحفله أي لا أباليه . . . واحتفل لنا فلان إذا أحسن القيام بأمورهم . . . والمحفل : الجمع من الناس ويجمع محافل . وجاء بنو فلان بحفيلهم أي بأجمعهم . واحتفل الوادي بالسيل إذا امتلأ ] .
( جمهرة اللغة – أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي ، المتوفى : 321 هـ ) .
ألم يهتم النبيّ صلى الله عليه وسلم بيوم ميلاده ؟ ألم يعتبر يوم ميلاده يوماً مميزاً يتطلب شكراً لله تعالى على تلك النعمة ؟
سُئِلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ -» . صحيح مسلم
وهل شكر الله تعالى وحمده يكون بالصيام فقط ؟ ألا يحل إطعام الطعام محل الصيام ؟
يقول تعالى :  ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ . . . ) .
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الإسلام خيرٌ ؟ قال : تُطعم الطعام ، وتقرأ السلام على مَن عرفتَ ومَن لم تعرِف . البخاري ومسلم .
يقول تعالى : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين ) .
 فأعداء النبيّ r يريدون إسكاته ومحو إسمه وخبره r إما بالسجن ، أو القتل ، أو النفي !
وكل من يحارب الإحتفال بمولده فهو مشارك لهم في غاياتهم من حيث يشعر أو لا يشعر ! وهو جزء من خطة الأعداء في طمس ذكر النبيّ r ، يطبقونها عن طريقهم من غير أن يدري المساكين ! !

https://almauld.blogspot.com/




الأحد، 25 نوفمبر 2018

ليس هناك دليل خاص يمنع من الاحتفال بالمولد النبوي، وأن جميع الأدلة العامة التي يقدمها المعارضون مردود عليها

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
انقسم العلماء في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى فريقين متعارضين، الأول يقول ببدعيته، والثاني يحكم أن هذا الاحتفال مباح، ومأجور مقيمه. ولكل من الفريقين دفوعات وأدلة يستند إليها.
أولا: أدلة القائلين ببدعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي
أفتى ثلة من أجلة العلماء بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، من جملتهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي، وابن الحاج المالكي، والشيخ ابن باز، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله. ويستندون في ذلك الحكم إلى مجموعة من الأدلة نجملها في النقاط التالية:
1- أن الاحتفال بالمولد لا أصل له في الكتاب والسنة، ولم يقمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا أحد في القرون الثلاثة الفاضلة. قال العلامة الفاكهاني:ولا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة) 1 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله (صلّى الله عليه وسلم) وتعظيماً له منّا، وهم على الخير أحرص) 2.



2- ويتفرع عن الدليل الأول حجة المانعين الثانية القائلين فيها أن المولد بدعة محدثة، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة- رضوان الله على الجميع- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومتابعة لشرعه ممن بعدهم) 3 .

3- أن إقامة المولد تشبه بدين النصارى، الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، وقد نهينا عن التشبه بهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ومن تشبه بقوم فهو منهم” 4 .

4- أن الفرح بهذا وإظهار السرور، فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يفرح فيه. ويقول ابن الحاج: ثم العجب العجيب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به) 5 .

5- اشتمال هذه الموالد على كثير من الكبائر وعظائم الأمور والتي يجد فيها أصحاب الشهوات بغيتهم مثل: الطرب والغناء الماجنين واختلاط الرجال بالنساء، وتناول المحرمات. قال العلامة سيدي محمد البناني في معرض حديثه عن إبطال الإيصاء بالمعصية: أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ) 6 .

6- تخصيص المولد بيوم للاحتفال به بدعة، يقول صالح الفوزان: إن عموم الدليل يقتضي أن تكون جميع الأيام بالنسبة للاحتفال سواسية، فتخصيص يوم واحد في جميع البلاد بالاحتفال بدعة، وإن لم يكن أصل العمل بدعة) 7 .

7- أن الاحتفال بالمولد هو من الغلو في الدين، إذ يرفع بعض المحتفلون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مرتبة الألوهية 8 .

8- أن العبادات مبنية على التوقيف من الشارع، ولا مجال فيها للاجتهاد.

ثانيا: ردود مجيزي الاحتفال بالمولد النبوي وأدلتهم

أجاز جمهور من أكابر العلماء الاحتفال بذكرى المولد النبوي، ومن بينهم شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، والحافظ السيوطي، والحافظ السخاوي، وابن عاشر المالكي، وابن مرزوق، والشيخ سعيد حوى، والشيخ يوسف القرضاوي، وغيرهم من علماء الأمة. ويجيبون على أدلة المانعين بما يلي:

1- ترك النبي لا يدل على التحريم؛ فإنه من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات والمباحات، لذلك تحريم كل ما تركه لا يعد مقبولا وسائغا، حيث لا يحق لأحد أن يحرم على نفسه أو على غيره إلا بدليل صحيح واضح، وإلا فهو معتد ومبتدع ومتنطع) 9 وقول النبي صلى الله عليه وسلم:“إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه” يؤيد هذا، إذ لم يقل: وإذا تركت شيئا فاتركوه، وهذا دليل على أن ما تركه النبي ولم يفعله يبقى على أصله؛ وهو الإباحة؛ ولو قلنا بحرمة كل متروكات النبي لضيقنا دائرة الإباحة ووسعنا دائرة التحريم، وهذا عين المشقة ورأس الحرج الذي نفاهما الله عن هذا الدين القائم على التيسير.

ولذلك يقول المستشار فيصل مولوي: إن ذلك (أي الاحتفال بالمولد النبوي) جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون) 10 .

2- ولا يصح الاستدلال بعدم احتفال الصحابة رضي الله عنهم بالمولد النبوي على عدم جواز ذلك، لأنهم رضي الله عنهم عاشوا تلك الأحداث بالفعل كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي: وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم، كان سعد بن أبي وقاص يقول: كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن، بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء) 11 .

وترك السلف (في القرون الثلاثة الفاضلة) لم يكن مقترناً بتحريم الاحتفال أو كراهيّته فغاية ما هناك أنّهم لم يفعلوا، وقد أمر الله بما في هذه الآية: وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ 12 . ولم يقل في حق النبي: (وما تركه فانتهوا عنه) فكيف الحال في حقّ السلف؟!

3- أما الزعم أنها بدعة محدثة وضلالة، فالعلم قائم أن البدعة هو إحداث أمر في الدين لا أصل له في الشرع، أو التعبد لله بغير الطريقة النبوية. وليس في إقامة المولد شيء من هذا، قال الحافظ السيوطي: هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف). والصحيح أن تسمى سنة حسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” 13 . ولقد سن الصحابة والخلفاء الراشدون من الأعمال ما لا خلاف حولها كصلاة تراويح رمضان، وكذاك الصحابي الذي يروي الحديث خبره: فقد أخرج البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: “كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم أي ِأنّ النبيّ لما انتهى من صلاته سأل من المتكلم من الذي قال حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه فقال المتكلم أنا، قال صلى الله عليه وسلم: رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونَها أيهم يكتبها أول”. ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ”. وفي لفظ آخر: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ”. نفهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما ليس منه” أن المحدث إنما يكون ردًا أي مردودًا إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدث الموافق للشريعة ليس مردودًا.

4- ثم إنّ هذا الاحتفال ليس نوعا من العبادات التي يشرّعها الله، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما أن ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول (صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى) 14 .

5- أما القول بأن هذه الاحتفالات هي نوع من عبادة الأشخاص، كقول محمد حامد الفقي: والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم) 15 ، فمردود لأن العنصر المقوّم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بألوهية المعظّم له أو ربوبيّته، أو كونه مالك لمصير المعظّم المحتفل، وأن بيده عاجله وآجله، ومنافعه ومضارّه ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.

وأمّا إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحّى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب. ومن المعلوم أن المحتفلين المسلمين يعتقدون أن النبي الكريم عبد الله ورسوله، فلأجل تكريمه يقيمون الاحتفال أداءً لشكر النعمة.

6- أما القول في أن في الاحتفال تشبه بالنصارى فهو ظني يقول ابن تيمية: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح (عليه السلام)، وإمّا محبّة للنبي وتعظيماً له والله لقد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع) 16 نلاحظ أن شيخ الإسلام غير متأكد من أن الناس يقلدون النصارى بإحيائهم المولد، وذكر أنهم مثابون على المحبة والاجتهاد، لأن الأساس الذي ينبني عليه عمل المسلم هو الكتاب والسنة وحكم الشريعة، فلا تكون المضاهاة مانعة عن إتباع الكتاب والسنّة، وإن افترضنا أن أول من احتفل، احتفل تقليدا للنصارى إلا أن المحتفلين في هذه القرون براء من هذه التهمة.

7- أما تخصيص يوم بالاحتفال، يكون بدعة إذا اعتقد المحتفل وادّعى ورود الشرع به، أو حثّه على هذا التخصيص، فإن غاب هذا الاعتقاد انتفى الحكم ببدعية الاحتفال، ومعلوم أن جميع مجيزي الاحتفال بالمولد متفقون على جوازه في سائر الأيام. يقول سعيد حوى: إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك) 17 .

8- وقول ابن الحاج وغيره أن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب، كاختلاط النساء بالرجال). لا يبيح تعميم الحكم على الاحتفالات البريئة من هذه المنكرات، ويذكر صاحب المعيار فتوى لابن عباد يقول فيها: قال بعض الفضلاء: …وما أنكر من أنكر ما يقع في هذا الزمان من الاجتماع (لإقامة المولد) في المكاتب للأطفال، إلا خيفة المناكر، واختلاط النساء والرجال، فأما إذا أمن ذلك، فلا شك في حسن ما يفعل من الاجتماع وذكر محاسنه، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في سائر البقاع،… ولا يجوز تعظيم نبي الله تعالى إلا بما يرضيه ويرضي الله تعالى) 18 .

9- ومن أدلة الإباحة القول بانعقاد الإجماع على جواز الاحتفال بالمولد النبوي، حيث أن أول إحياء للمولد كان في القرن الرابع، ولم يعترض أحد من العلماء حتى القرن السابع، وجاءت الأخبار بحضور جم غفير من الفقهاء إلى هذه الاحتفالات، ذكر ابن خلكان طرفاً من وصف الاحتفال بالمولد. فقال: إن أهل البلاد كانوا سمعوا بحسن اعتقاده فيه (أي اعتقاد ملك إربل في المولد) فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء) 19 .

10- واستدل أيضا بأدلة عامة أخرى كثيرة منها ما في صحيح مسلم حين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه”. وما ذكره السيوطي فيما رواه البيهقي عن أنس من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على نفسه، كل ذلك شكرانا لنعمة النبوة.

خلاصة

بعد عرض أدلة الفريقين يتبين أن ليس هناك دليل خاص يمنع من الاحتفال بالمولد النبوي، وأن جميع الأدلة العامة التي يقدمها المعارضون مردود عليها، ونخلص إلى القول بأنه: إذا خلا الاجتماع على إقامة المولد النبوي من المنكرات، فلا حرج فيه. بل فيه من الفوائد الكثيرة والجليلة ما يجعل مقيميه ممن يحيون ما أميت من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك بذكر مناقبه صلى الله عليه وسلم وشمائله، ومدحه والصلاة عليه، وإظهار شكر هذه النعمة العظيمة، وهذه الرحمة المسداة. فلا حرج إذن في أن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حرج في أن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[1] المورد في عمل المولد، ص 20-21.\
[2] اقتضاء الصراط المستقيم، ص 293-294.\
[3] رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي، ج1 ص 57.\
[4] أخرجه أحمد (2/50، رقم 5114)، والحكيم (1/375)، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/75، رقم 1199)، والطبرانى كما فى مجمع الزوائد (5/267) قال الهيثمى: فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه ابن المدينى وأبو حاتم وغيرهما، وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات .وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد (ص 267، رقم 848)، وابن أبى شيبة (6/471، رقم 33016)، والطبرانى فى الشاميين (1/135، رقم 216).\
[5] المدخل 2/15.\
[6] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج 19 / ص 390.\
[7] صالح الفوزان، البدعة، ص17.\
[8] انظر رسالة الاحتفال بالمولد بين الاتباع والابتداع لمحمد بن سعد بن شقير، رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي: ج2 / ص921.\
[9] أحمد الريسوني، الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية: 85.\
[10] المستشار فيصل مولوي، نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.\
[11] موقع الدكتور يوسف القرضاوي، http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5852&version=1&template_id=130&parent_id=17\
[12] الحشر، الآية 7.\
[13] رواه الطيالسى، وأحمد، ومسلم، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه، والدارمى، وأبو عوانة، وابن حبان عن جرير.\
[14] المستشار فيصل مولوي، انظر موقع إسلام اون لاين: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528612422#ixzz0fcv82hxl\
[15] محمد حامد الفقي في تعليقه على فتح المجيد: 154.\
[16] ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، ص293.\
[17] من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله.\
[18] المعيار المعرب للونشريسي، ج11 / ص279.\
[19] وفيات الأعيان، ج5 / ص117.\



لماذا لم يحتفل الصحابة بمولد النبي الكريم ؟

  لماذا لم يحتفل الصحابة بمولد النبي الكريم ؟ يجيبك العلامة البشير الابراهيمي ،يقول رحمه الله " ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻔﻼﺕ اﻝﻣﻮﻟﺪﻳﺔ ﻭﻫ...

الى من يهمه الأمر مع التحية ..