والجواب عن ذلك: هو ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله: (ما أحدث يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة)، وقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح: (ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة). وقد بينا أن المولد النبوي يستند إلى أصول شرعية صحيحة، وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
قال الإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله في أحكام القران: (كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه ، فهي في حيز المدح... ، وإن كانت- البدعة- في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ... وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم).
وقد كان سيد العلماء الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه لا يركب بالمدينة دابة، وهذا فعلٌ أحدثه الإمام مالك لم يفعله الصحابة الذين هم أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك لم ير الإمام مالك بأساً في فعله، ولم ينكر عليه أحدٌ من العلماء ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي في كتاب الشفاء
(1 / 275): (كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة وكان يقول: "أستحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بحافر دابة" ). وذكر هذا عنه الكمال ابن الهمام الحنفي رحمه الله في فتح القدير (3 / 180)، وكذا الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 3 / 254 ) وغيرهم وهو معروف مشهور عنه. والله تعالى أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق