🌴 *طريق خاطئ من طرق الاستدلال المعاصر*
-------------------
تنتشر بعض الفتاوى في الانترنت حول مسألة ما، وهذه المسألة مختلف فيها مثلا، ويحتج من يفتي بالتحريم بقول (لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به) أو يقول (لم يفعله الصحابة او التابعون ...)
او يقول : (لو كان خيرا لسبقونا اليه)
والغريب ان الكلام قد لا يكون عن فعل مستحب او واجب أو حرام، إنما يكون عن خلاف في فعل هل هو جائز (مباح) أو حرام..
ولي هنا وقفات:
أولها:
يجب ان نعرف بأن هذا الكلام (لو كان خيرا لسبقونا اليه) ليس أصلا من أصول الاستدلال في الشريعة.
ثانيا:
إن ترك الفعل لا يدل على تحريمه، فالشيء الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على التحريم، إنما يدل على عدم الوجوب أو الاستحباب.
ثالها:
إن كان الكلام يدور حول فعل جائز فماذا يعني اذا لم يفعله السلف، هو جائز وليس واجبا او مستحبا كي نستغرب عدم فعلهم له.
رابعا:
ورد عن بعض سلف الأمة وأئمتها أفعال لم يامر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها، منها:
¤ كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد قسم دهره ثلاث ليال؛ ليلة يبيتها قائما، وليلة راكعا، وليلة ساجدا.
¤ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعطر أموال الصدقة.
وغيرها كثير من أفعال لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها، مع ان هذه عبادات وليس من امور العادات والمباحات.
وكذلك من بعد الصحابة من السلف والأئمة، منها:
¤ كان الامام مالك لا يلبس نعالا ولايركب دابة في المدينة المنورة، وكان يقول: أنا أستحي من الله أن أطأ تربة نبي الله بحافر دابة .
فهل قال احد للإمام مالك :
هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صحابته الذين مشوا بنعالهم وركبوا الدواب في المدينة؟ هل فاتهم ذلك وتذكرته أنت ؟ لا لم يقل له أحد ذلك.
¤ وقال ابن القيم رحمه الله :
سمعت ابن تيمية رحمه الله يقول :
(من واظب على "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت" كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيا الله بها قلبه)
فها هو ابن تيمية يفعل شيئا لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته ، فلماذا لم يقل له تلامذته أو أقرانه : من أين لك هذا الدعاء، وبهذا العدد تحديدا، وبهذا الوقت تحديدا؟
وهل قال له أحد: لو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟ هل فاتهم وتذكرته ؟ لا لم يقل له احد ذلك، بل عد ابن القيم ذلك من مناقبه رحمهما الله .
وغير ذلك كثير جدا، وفيما ذكرناه كفاية.
*ونختم بمسألة فقهية:*
لو نذر رجل أن يفرش مسجدا بسجاد، فهل نذره واجب الوفاء؟
الجواب نعم واجب.
ولنسأل الان: هل فرش المسجد عبادة؟
فإن قلت: نعم عبادة لانه من باب توقير المساجد، والمسجد من شعائر الدين التي أمرنا بتعظيمها.
قلنا لك: إن كانت عبادة فلماذا لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة؟
وإن قلت: ليست عبادة، قلنا: إن لم تكن عبادة فكيف يجب هذا النذر ؟ والنذر لا يجب في غير العبادات ؟
والحمد لله أولا وآخرا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
-----------------------
د.وليد فائق الحسيني
https://almauld.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق