بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 أكتوبر 2018

الدليل على جواز الاحتفال بالمولد النبوي

    بسم الله الرّحمن الرّحيم 

لقد طال النزاع في الآونة الأخيرة عن طريق وسائل الإعلام وغيرها حول الاحتفال بمولد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وقد رفع بعضهم شعار البدعة فيه، بينما يراه الأكثرون أنه من السنة. وإليك دراسة الموضوع في ضوء الأدلة. 
حب النبي أصل في الكتاب والسنة 
الحب والبغض خلتان تتواردان على قلب الإنسان، تنشدان وتضعفان، ولنشوئهما واشتدادهما أو ضعفهما عوامل وأسباب. ولا شك أن حب الإنسان لذاته من أبرز مصاديق الحب، وهو أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان، وجبلي لا يخلو منه إنسان ومن هذا المنطق حب الإنسان لما يرتبط به أيضاً، فهو كما يحب نفسه يحب كذلك كل ما يمت إليه بصلة، سواء كان اتصاله به جسمانياً، كالأولاد والعشيرة، أو معنوياً، كالعقائد والأفكار والآراء والنظريات التي يتبناها، وربما يكون حبه للعقيدة أشد من حبه لأبيه وأمه، فيذب عن حياض العقيدة بنفسه ونفيسه، وتكون العقيدة أغلى عنده من كل شيء حتى نفسه التي بين جنبيه. 
فإذا كانت للعقيدة المنزلة العظيمة تكون لمؤسسها ومغذيها والدعاة إليها منزلة لا تقل عنها إذ لولا هم لما قام للعقيدة عمود، ولا اخضر لها عود، ولأجل ذلك كان الأنبياء والأولياء بل الدعاة إلى الأمور المعنوية والروحية محترمين لدى جميع الأجيال، من غير فرق بين نبي وآخر، ومصلح وآخر، فالإنسان يجد من صميم ذاته خضوعاً تجاههم، وإقبالاً عليهم. 
ولهذا لم يكن عجيباً أن نحترم، بل تعشق النفوس الطيبة، طبقة الأنبياء والرسل، منذ أن شرع الله الشرائع وبعث الرسل، فترى أصحابها يقدمونهم على أنفسهم بقدر ما أوتوا من المعرفة والكمال. 

(1) 
حب النبي في الكتاب 
ولوجود هذه الأرضية في النفس الإنسانية والفطرة البشرية، تضافرت الآيات والأحاديث على لزوم حب النبي وكل ما يرتبط به وليست الآيات إلا إرشاداً إلى ما توحي إليه فطرته، قال سبحانه : ( قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )( التوبة / 24). 
وقال سبحانه : ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) ( المائدة / 56). 
ويقول سبحانه : ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )( الأعراف / 157). 
فالآية الكريمة تأمر بأمور أربعة : 
1ـ الإيمان به. 
2ـ تعزيره. 
3ـ نصرته. 
4ـ اتباع كتابه وهو النور الذي أنزل معه. 
وليس المراد من تعزيره نصرته، لأنه قد ذكره بقوله : ( ونصروه ) وإنما المراد توقيره، وتكريمه وتعظيمه بما أنه نبي الرحمة والعظمة، ولا يختص تعزيره وتوقيره بحال حياته بل يعمها وغيرها، تماماً كما أن الإيمان به والتبعية لكتابه لا يختصان بحال حياته الشريفة. 

(2) 
هذه هي العوامل الباعثة إلى حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه هي الآيات المرشدة إلى ذلك. 
ولأجل دعم المطلب نذكر بعض ما ورد من الروايات في الحث على حبه ومودته. 
حب النبي في السنة 
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : 
1ـ ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده والناس أجمعين ). 
2ـ ( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب الناس إليه من والده وولده ) 
3ـ ( ثلاث من كن فيه ذاق كعم الإيمان : من كان لا شيء أحب إليه من الله ورسوله، ومن كان لئن يحرق بالنار أحب إليه من أن يرتد على دينه، ومن كان يحب لله ويبغض لله ). 
4ـ ( والله لا يكون أحدكم مؤمناً حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ). 
5ـ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ). 
6ـ ( من أحب الله ورسوله صادقاً غير كاذب، ولقى المؤمنين فأحبهم، وكان أمر الجاهلية عنده كمنزلة نار ألقي فيها، فقد طعم طعم الإيمان، أو قال : فقد بلغ ذروة الإيمان ). 
إن الذي يرى سعادته في ما جاء به رسول الله (ص) من شريعة 

(3) 
ودين هو الذي يذوق كعم الإيمان، وتذوق طعم الإيمان لا يتحقق إلا عندما يستن الإنسان بسنة رسول الله، ويعمل بشريعته فيحصل على سعادته. 
7ـ عن أبي رزين قال : قلت يارسول الله ما الإيمان ؟ قال : ( أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، ويكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما، وتكون أن تحرق بالنار أحب إليك من أن تشرك بالله شيئاً، وتحب غير ذي نسب لا تحبه إلا الله، فإذا فعلت ذلك فقد دخل الإيمان في قلبك كما دخل قلب الظمآن حب الماء في اليوم القائظ. 
8 ـ ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ). 
9ـ عن أنس أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الساعة فقال : متى الساعة ؟ قال : وما أعددت لها ؟ قال : لاشيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال : ( أنت مع من أحببت ). قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( أنت مع من أحببت ). 
1 ـ أبو ذر قال : يارسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ؟ قال ( أنت يا أبا ذر مع من أحببت ). قال : فإني أحب الله ورسوله، قال : ( فإنك مع من أحببت ). قال : فأعاد(ها) أو ذر، فأعادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. 
11ـ ( من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة ). 
12ـ ( والذي نفس محمد بيده ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني، ثم لئن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم ). 

(4) 
13ـ ( إن أحدكم سيوشك أن يحب ينظر إلى نظرة بما له من أهل وعيال ). 
14ـ ( من أشد أمتي لي حباً أناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله). 
15ـ أشد أمتي لي حباً قوم يكونون بعدي يود أحدهم أنه فقد أهله وماله وأنه رآني ). 
16ـ ( إن أناساً من أمتي يأتون بعدي يود أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله ). 
17ـ ( من دعا بهؤلاء الدعوات في دبر كل صلاة مكتوبة حلّت له الشفاعة مني يوم القيامة : اللهم اعط محمد الوسيلة، واجعل في المصطفين محبته، وفي العالمين درجته، وفي المقربين ذكر داره ). 
18 ـ ( من قال في دبر كل صلاة مكتوبة : ( اللهم اعط محمد الدرجة والوسيلة، اللهم اجعل في المصطفين محبته وفي العالمين درجته، وفي المقربين ذكره ) من قال تلك في دبر كل صلاة فقد استوجب علي الشفاعة، ووجبت له الشفاعة ). 
وقد روي عن أبي بكر قال : الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمحق للخطايا من الماء للنار والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من عتق الرقاب، وحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من عتق الأنفس أو قال : من ضرب السيف في سبيل الله عزوجل (1). 
___________________ 
(1) راجع للوقوف على هذه الأحاديث ونظائرها جامع الأصول ج 1 نقلاً عن صحيح البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ـ وكنز العمال ج2 و6و12. 

(5) 
اختلاف الأمة في درجات حبّهم للنبي 
وليست الأمة المؤمنة في ذلك شرعاً سواء، بل هم فيه متفاوتون على اختلاف درجات عرفانهم به كاختلافهم في حب الله تعالى. 
قال الإمام القرطبي : ( كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إيماناً صحيحاً لا يخلو من وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة غير أنهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى، كم كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الفضلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردد فيه ) (1). 
مظاهر الحب في الحياة 
إن لهذا الحب مظاهر، إذا ليس الحب شيئاً يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له إنعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرفاته، بل إن من خصائص الحب أن يظهر أثره على جسم الإنسان وملامحه، وعلى قوله وفعله، بصورة مشهودة وملموسة. 
فحب الله ورسوله الكريم لا ينفك عن اتباع دينه، والاستنان بسنته، والاتيان بأوامره والانتهاء عن نواهيه، ولا يعقل أبداً أن يكون المرء محباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد الحب، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه 
_________________ 
(1) فتح الباري لابن حجر 1: 5 ـ 51.ولا يرضيه، فما ادعى حباً في نفسه وخالفه في عمله، فقد جمع بين شيئين متخالفين متضادين. 

(6) 
ولنعم ما قال الإمام الصادق عليه السلام في هذا الصدد موجهاً كلامه إلى مدّعي الحب الإلهي كاذباً : 
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه هذا لعمري في الفعال بديع 
لو كان حبّك صادقاً لأطعته إن المحبّ لمن يحبّ مطيع(1) 
للحب مظاهر وراء الاتّباع 
نعم لا يقتصر أثر الحبّ هذا، بل له آثار أخرى في حياة المحبّ، فهو يزور محبوبه ويكرمه ويعظمه ويزيل حاجته، ويذبّ عنه، ويدفع عنه كل كارثة ويهيىء له ما يريحه ويسرّه إذا كان حيّاً. 
وإذا كان المحبوب ميتاً أو مفقوداً حزن عليه أشد الحزن، وأجرى له الدموع كما فعل النبي يعقوب عليه السلام عندما افتقد ولده الحبيب يوسف عليه السلام فبكاه حتى ابيضت عيناه من الحزن، وبقي كظيماً حتى إذا هبّ عليه نسيم من جانب ولده الحبيب المفقود، هشّ له وبشّ، وهفا إليه شوقاً وحبّاً. 
بل يتعدى أثر الحبّ عند فقد الحبيب وموته هذا الحدّ، فنجد المحبّ يحفظ آثار محبوبه، وكل ما يتّصل به، من لباسه وأشيائه، كقلمه ودفتره وعصاه ونظارته. كما ويحترم أبناءه وأولاده، ويحترم جنازته 
_________________ 
(1) سفينة البحار، مادة ( حب). 

(7) 
ومثواه، ويحتفل كل عام بميلاده وذكرى موته، ويكرمه ويعظمه حبّاً به ومودة له. 
إلى هنا ثبت، أن حب النبي وتكريمه أصل من أصول الإسلام لا يصحّ لأحد إنكاره، ومن العلوم أن المطلوب ليس الحبّ الكامن في القلب من دون أن يرى أثره على الحياة الواقعية، وعلى هذا يجوز للمسلم، القيام بكل ما يعدّ مظهراً لحبّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، شريطة أن يكون عملاً حلالاً بالذات، ولا يكون منكراً في الشريعة، نظير : 
1ـ تنظيم السنة النبوية ؛ وإعراب أحاديثها، وطبعها، ونشرها بالصور المختلفة، والأساليب الحديثة، وفعل مثل هذا بالنسبة إلى أقوال أهل البيت عليهم السلام وأحاديثهم. 
2ـ نشر المقالات والكلمات ؛ وتأليف الكتب المختصرة والمطولة حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته عليهم السلام وإنشاء القصائد بشتى اللغات في حقهم، كما كان يفعله المسلون الأوائل. 
فالأب العربي بعد ظهور الإسلام يكشف أن إنشاء القصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وله وسلم كان مما يعبّر به أصحابها عن حبّهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فهذا هو كعب بن زهير ينشئ قصيدة مطولة في مدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منطلقاً من إعجابه وحبّه له صلى الله عليه وآله وسلم، فيقول في جمله ما يقول : 
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيّم إثرها لم يفد مكبول 
نبّئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول 

(8) 
ويقول : 
مهلاً هداك الذي أعطاك نا فلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل 
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول (1) 
وقد ألقى هذه القصيدة في حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. 
وهذا حسان بن ثابت الأنصاري يرثي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويذكر فيه مدائحه، ويقول : 
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتحمد 
إلى أن قال : 
يدلّ على الرحمان من يقتدي به وينقذ من هول الخزايا ويرشد 
إمام لهم يهديهم الحق جاهداً معلم صدق إن تطيعوه يسعدوا(2) 
وهذا هو عبد الله بن رواحة ينشئ أبياتاً في هذا السياق فيقول فيها : 
خلوّا بني الكفار عن سبيله خلّوا فكلّ الخير في رسوله 
ياربّ إني مؤمن بقيله أعرف حق الله في قبوله (3) 
هذه نماذج مما أنشأه الشعراء المعاصرون لعهد الرسالة في النبي الأكرم ونكتفي بها لدلالتها على ما ذكرنا. 
ولو قام باحث بجمع ما قيل من الأشعار والقصائد حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم 
_________________ 
(1) السيرة النبوية لابن هشام 2 : 513. 
(2) السيرة النبوية لابن هشام 2: 666. 
(3) المصدر نفسه 2: 371. 

(9) 
الأكرم لاحتاج في تأليفه إلى عشرات المجلدات. فإن مدح النبي كان الشغل الشاغل للمخلصين والمؤمنين منذ أن لبى الرسول دعوة ربّه، ولا أظن أن أحداً عاش في هذه البسيطة، ونال من المدح بمقدار ما ناله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المدح بمختلف الأساليب والنظم. 
وهناك شعراء مخلصون أفرغوا فضائل النبي ومناقبه في قصائد رائعة وخالدة، مستلهمين ما جاء في الذكر الحكيم والسنة المطهرة في هذا المجال، فشكر الله مساعيهم الحميدة وجهودهم المخلصة. 
3ـ تقبيل كلّ ما يمتّ إلى النبيّ بصلة : كباب داره، وضريحه وأستار قبره، انطلاقاً من مبدأ الحب الذي عرفت أدلّته. وهذا أمر طبيعي وفطري، فبما أن الإنسان المؤمن لا يتمكن بعد رحلة النبي (ص) من تقبيل الرسول (ص) 1 فيقبّل ما يتّصل به بنوع من الاتصال، وهو كما أسلفنا أمر طبيعي في حياة البشر حيث يلثمون ما يرتبط بحبيبهم ويقصدون بذلك نفسه. فهذا هو المجنون العامري كان يقبّل جدار بيت ليلى ويصرّح بأنّه لا يقبّل الجدار، بل يقصد تقبيل صاحب الدار، يقول : 
أمرّ على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا 
فما حبّ الديار شغفن قلبي ولكن حبّ من سكن الديارا 
________________ 
(1) دخل أبو بكر حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد رحيله وهو مسجّى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثمّ أكبّ عليه يقبّله ثم بكى فقال : بأبي أنت يانبي الله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها. ( لاحظ صحيح البخاري 2: 17 كتاب صحيح البخاري 2: 17 كتاب الجنائز ). 

(10) 
4ـ إقامة الاحتفالات في مواليدهم ؛ وإلقاء الخطب والقصائد في مدحهم، وذكر جهودهم ودرجاتهم في الكتاب والسنة، شريطة أن لا تقترن تلك الاحتفالات بالمنهيّات والمحرّمات. 
ومن دعا إلى الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أي قرن من القرون، فقد انطلق من هذا المبدأ، أي حب النبي صى الله عليه وآله وسلم الذي أمر به القرآن والسنة بهذا العمل. 
هذا هو مؤلف تاريخ الخميس يقول في هذا الصدد : ( لا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده، ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبّرات، ويعتنون بقراءة مولده الشريف، ويظهر عليهم من كراماته كل فضل عظيم ). (1) 
وقال أبو شامة المقدسي في كتابه : ( ومن حسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف بإظهار الزينة والسرور، فإن في ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء شعاراً لمحبته ). (2) 
أنا لا أوافق الشيخ المقدسي في تسميته للاحتفال بالبدعة إلا أن يريد البدعة بالمعنى اللغوي، كما أن الاحتجاج على حسن الاحتفال بالأعمال الجانبية من صدقات ومعروف وإظهار الزينة…فإن هذه الأمور الجانبية لا تسوغ الاحتفال، ولا تصفي عليه صبغة شرعية ما لم يكن هناك دليل في الكتاب والسنة، وقد عرفت وجوده. 
____________________ 
(1) الديار بكري، تاريخ الخميس 1: 323. 
(2) الحلبي، السيرة 1 : 83 ـ 84. 

(11) 
وقال القسطلاني : ( ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام، ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور، ويزيدون في المبّرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عظيم …فرحم الله امرائاً اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً، ليكون أشد علّة على من في قلبه مرض و أعيا داء ) (1). 
إذا عرفت ما ذكرناه فلا نظن أن يشك أحد في جواز الاحتفال بمولد النبي الأكرم، احتفالاً دينياً فيه رضا الله ورسوله، ولا تصح تسميته بدعة، إذ البدعة هي التي ليس لها أصل في الكتاب والسنة، وليس المراد من الأصل ؛ والدليل الخاص، بل يكفي الدليل العام في ذلك. 
ويرشدك إلى أن هذه الاحتفالات تجسيد لتكريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجدانك الحرّ، فإنه يقضي بلا مرية على أنها إعلاء لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإشادة بكرامته وعظمته، يتلقاها كل من شاهدها من كثب، على أن المحتفلين يعزّرون نبيهم ويكومونه ويرفعون مقامه اقتداء بقوله سبحانه : ( ورفعنا لك ذكرك ) الانشراح /4. 

السنة النبوية وكرامة يوم مولده

1ـ أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن صوم يوم الاثنين فقال : ( ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل عليّ ). (2) 
_____________________ 
(1) المواهب اللدنية 1: 148. 
(2) مسلم 2: 819. 

(12) 
يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ عند الكلام في استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله علي عباده ـ ما هذا لفظه : ( إن من أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثه وإرساله إليهم، كما قال الله تعالى : ( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم )فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه على عباده المؤمنين حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر ) (1). 
2ـ روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس عليه السلام قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألوا عن ذلك ؟ فقالوا : هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ونحن نصومه تعظيماً له، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( نحن أولى بموسى منكم فأمر بصومه ) (2). 
وقد استدل ابن حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي على ما نقله الحافظ السيوطي، فقال : ( فيستفاد فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة ويعاد ذلك، نظر ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ) (3). 
3ـ وللسيوطي أيضاً كلام آخر نأتي بنصه، يقول : ( وقد ظهر لي 
_________________ 
(1) ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف : 98. 
(2) مسلم، الصحيح : 113 ـ وأخرجه البخاري 7: 215. 
(3) السيوطي، الحاوي للفتاوي 1: 196. 

(13) 
تخريجه على أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقّ عن نفسه بعد النبوة مع أنه قد ورد أن جدّه عبد المطلب عقّ عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه، لذلك فيستحب لها أيضا إظهار الشكر بمولده بالإجماع، وإطعام الطعام، ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرّات ) (1). 
4ـ أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ؟ فقال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )( المائدة / 3). 
فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة. (2) 
وأخرج الترمذي عن ابن عباس نحوه وقال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة، وقال الترمذي : وهو صحيح. (3) 
( وفي هذا الأمر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب (رض) على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيداً لأن الزمان ظرف للحدث العظيم، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كان موسماً لشكر تلك 
_____________________ 
(1) السيوطي، الحاوي للفتاوي 1: 196. 
(2) و(3) البخاري 8: 27 ـ كما أخرجه الترمذي في 5 : 25 وفي الروايات المتضافرة أنها نزلت في الثامن عشر من ذي الحجة في حجة الوداع. 

(14) 
النعمة، وفرصة لإظهار الفرح والسرور ) (1). 
نرى أن المسيح عندما دعا ربه أن ينزل مائدة عليه وعلى حواريه قال : ( اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين )المائدة / 114 ). فقد اتخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيداً، وللرسول الأكرم نعمة عظيمة منّ بها الله على المسلمين بميلاده، فلم نتخذه يوم فرح وسرور ؟ 
الإستدلال بالإجماع 
ذكروا أن أول من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب اربل وقد توفي عام 63 هـ وربما يقال أول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، أولهم المعجز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال 361هـ، وقيل في ذلك غيره، وعلى أي تقدير فقد احتفل المسلمون حقباً وأعواماً من دون أن يعترض عليهم أحد، وعلى أي حال فقد تحقق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجّة ؟ مع أن اتفاق الأمة بنفسه أحد الأدلة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن جاء ابن تيمية، والعزيز عبد السلام (2)، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، 
__________________ 
(1) عيسى الحميري، بلوغ المأمول : 29. 
(2) هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي ( 577ـ66 هـ ) فقيه شافعي، له من الكتب ( التفسير الكبير ) و ( مسائل الطريقة ) وغيرها ( أعلام الزركلي 4: 21ط دار الملايين، بيروت ). 

(15) 
مع أن الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أو ليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجة بنفسه ؟ 
أوهام وتشكيكات 
إن للقائلين بالمنع تشكيكات وشبه كلّها سراب، نذكرها بنصوصها : 
أـ الاحتفال نوع من العبادة 
قال محمد حامد الفقي : ( والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم ) (1). 
يلاحظ عليه : أن العنصر المقوم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بإلوهية المعظم له أو ربوبيته أو كونه مالك لمصير المعظم وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب. 
وأما إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب. 
ومن المعلوم أن المحتفلين المسلمين يعتقدون أن النبي الأكرم عبد من عباد الله الصالحين، وفي الوقت نفسه هو أفضل الخليقة، ونعمة من الله إليهم، فلأجل تكريمه يقيمون الاحتفال أداءً لشكر النعمة. 
_________________ 
(1) محمد حامد الفقي في تعليقه على فتح المجيد : 145. 

(16) 
ب ـ لم يحتفل السلف بمولد النبي 
قال ابن تيمية : إن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحق به منّا، فإنهم كانوا أشد محبّة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيماً له منّا، وهم على الخير أحرص. (1) 
يلاحظ عليه : بما تعرّفت عليه في الفصل الرابع أن المقياس في السنة والبدعة هو الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أو السيرة العملية المتّصلة بعصر النبي، وأما غير ذلك فليس له وزن ولا قيمة ما لم يعتمد على هذه الأصول الأربعة، ولم يكن السلف أنبياءً ولا رسلاً، وليس الخلف بأقل منهم، بل الجميع أمام الكتاب وأمام السنّة سواسية، فلو كان هناك دليل من الكتاب والسنة على جواز الاحتفال ؛ فترك السلف لا يكون مانعاً، على أن ترك السلف لم يكن مقارناً بتحريم الاحتفال أو كراهيته فغاية ما هناك أنهم لم يفعلوا، وقد أمر الله بما في هذه الآية : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )( الحشر / 7) ولم يقل في حق النبي ( وما تركه فانتهوا عنه ) فكيف الحال في حق السلف ؟!
ج ـ إنها مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح 
يقول ابن تيمية : وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح عليه السلام، وأما محبة للنبي وتعظيماً له والله قد يثيبهم على هذه المحبة ولاجتهاد لا على البدع ( 1). 
____________________ 
(1) اقتضاء الصراط المستقيم : 293-294. 
(2) ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم : 293. 

(17) 
يلاحظ عليه : أن ابن تيمية ليس على يقين بأن المسلمين يقيمون الاحتفال مضاهاةً للنصارى، أضف إلى ذلك أن الأساس يجب أن يبنى عليه عمل المسلم هو انطباق العمل على الكتاب والسنة، فلا تكون المضاهاة مانعة عن اتباع الكتاب والسنة، وإن افتراضنا أن أول من احتفل، احتفل مضاهاة إلا أن المحتفلين في هذه القرون براء من هذه التهمة. 
تخصيص المولد بيوم الاحتفال به بدعة 
إن عموم الدليل يقتضي أن تكون جميع الأيام بالنسبة للاحتفال سواسية، فتخصيص يوم واحد في جميع البلاد بالاحتفال بدعة، وإن لم يكن أصل العمل بدعة (1). 
هذا هو الدليل الهام للقائلين بالمنع، ولكن الجواب عنه واضح، وذلك لأن جميع الأيام بالنسبة إلى الاحتفال وأن كانت سواسية إلا أن تخصيص يوم واحد للاحتفال به، لأجل خصوصيات في ذلك اليوم، وليست في غيره إلا ما شذّ، وهو أن ذلك اليوم تشرّف بولادته، فهو من أفضل الأيام، كما أن البقعة التي ضمّت جسده الشريف هي من أفضل البقاع، ومن ثم خصّ النبي الأكرم يوم الاثنين بفضيلة الصوم، وبيّن أن سبب التخصيص هو أنه صلى الله عليه وآله وسلم ولد فيه، فصار كلّ ذلك سبباً لاختيار هذا اليوم دون سائر الأيام، نعم في وسعهم الاحتفال في غير هذا اليوم أيضاً، بل كلّ يوم أرادوا تكريم النبي والاحتفال به. 
___________________ 
(1) صالح الوزان، البدعة :17. 

(18) 
ثم إن الذي نلفت نظر القائل بالمنع إليه، هو أنه لم يقترن ولن يقترن ادّعاء ورود الأمر الشخصي على هذا التخصيص، وإنما الكل يتفق على جواز الاحتفال في جميع الأيام، غير أن تخصيص ذلك اليوم هو لأجل خصوصية كامنة فيه. 
نعم موجزة ؛ فإن كون الاحتفال بدعة رهن أمرين وكلاهما منتفيان : 
1ـ عدم الدليل العام على الاحتفال. 
2ـ ادّعاء ورود الشرع بذلك اليوم الخاص وحثّه عليه. 
فعندئذٍ فلا معنى لادّعاء البدعة. 
هـ ـ الاحتفالات تشتمل على أمور محرّمة 
إن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب، كاختلاط النساء بالرجال، وقراءة المدائح مع الموسيقى والغناء (1). 
يلاحظ عليه : أن هذا النوع من الاستدلال ينمّ عن قصور باع المستدل، وهذا يدّل على أنه قد أعوزه الدليل، فأخذ يتمسك بالطحلب شأن الغريق المتمسك به. 
فإن البحث في نفس مشروعية العمل بحد ذاتها، وأما الأمور 
__________________ 
(1) ابن الحاج، المدخل 2: 2. 

(19) 
الجانبية العارضة عليه، فلا تكون مانعاً من الحكم بالجواز، وما ذكره لا يختص بالاحتفال، بل كل عمل يجب أن يكون بعيداً عن المحرمات، فعلى المحتفلين أن يلتزموا بذلك، ويجعلوا مجالسهم مهبطاً للنور. 
وفي الختام نركز على أمر وهو، أن الاستدلال على الجواز أو المنع بالأمور الجانبية خروج الاستدلال الفقهي، فإن الحكم بالجواز والمنع ذاتاً يتوقف على كون الشيء بما هو هو جائزاً أو ممنوعاً، وأما الاستدلال على أحدهما بالأمور الطارئة فليس استدلالاً صحيحاً. 
وهناك نكتة أخرى، وهي أن الاستدلال على الجواز بما جرت عليه سيرة العقلاء من إقامة الاحتفالات على عظمائهم قياس الفارق، لأن الاحتفالات الرائجة بمولد النبي فإنما هو احتفال ديني، وعمل شرعي، فلا يقاس بتلك الاحتفالات، بل لابدّ من طلب دليل شرعي على جوازه، وبذلك تقدر على القضاء بين أدلة الطرفين. 
نعم لا يمكن أن ننكر أن ما يقيمه العقلاء من احتفال يؤثر في نفوسنا ويحفزنا للإقبال على الاحتفال بمولد النبي، وفي هذا الصدد يقول العلاّمة الأميني : 
( لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات، والجري على مراسم النهضات الدينية أو الشعبية العامة، والحوادث العالمية الاجتماعية، وما يقع من الطوارق المهمة في الطوائف والأحياء، بعدّ سنيها، واتخاذ رأس كلّ سنة بتلكم المناسبات أعياداً وأفراحاً، أو مآتماً وأحزاناً، وإقامة الحفل السارّ، أو التأبين، من الشعائر المطّردة، والعادات الجارية منذ 
(2 ) 
القدم، ودعمتها الطبيعة البشرية، وأسستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة، عند كل أمة ونحلة، قبل الجاهلية وبعدها، وهلمّ جرّاً حتى اليوم. 
هذه مراسم اليهود، والنصارى، والعرب، في أمسها ويومها، وفي الإسلام وقبله، سجّلها التاريخ في صفحاته. 
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية، تنبعث من عوامل الحبّ والعاطفة وتسقى من منابع الحياة وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل، والتقدير والإعجاب، لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماء الأمة إحياء لذكراهم، وتخليداً لأسمائهم، وفيها فوائد تاريخية اجتماعية، ودروس أخلاقية ضافية راقية، لمستقبل الأجيال، وعظمات وعبر، ودستور عملي ناجح للناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دون جيل، ولا بفئة دون فئة. 
وإنما الأيام تقتبس نوراً وازدهاراً، وتتوسم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعداً ونحساص، وتتخذ صيغة مما وقع فيها من الحوادث الهامة وقوارع الدهر ونوازله …(1). 
________________ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لماذا لم يحتفل الصحابة بمولد النبي الكريم ؟

  لماذا لم يحتفل الصحابة بمولد النبي الكريم ؟ يجيبك العلامة البشير الابراهيمي ،يقول رحمه الله " ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻔﻼﺕ اﻝﻣﻮﻟﺪﻳﺔ ﻭﻫ...

الى من يهمه الأمر مع التحية ..